الترفيه وأبواب الخلاص الفردي

الترفيه وأبواب الخلاص الفردي

كتب هيثم خزعل

الاستثمار المبالغ به في الترفيه في منطقتنا الذي ترعاه الإمارات والسعودية هو استثمار استراتيجي.


الدولتان اللتان انخرطتا في كل مشاريع الولايات المتحدة الهادفة إلى تدمير المنطقة وإقامة نظام إقليمي يرتكز على إسرا:ئيل والخليج كان أهم تجلياته العملية مشروع الممر الهندي الخليجي الإسرا:ئيلي إلى أوروبا، أخذتا على عاتقهما توسيع سيرك الترفيه في المنطقة والاستثمار فيه بكثافة.

الناس في منطقتنا اليوم تعيش في فقاعة العوالم الافتراضية وفقاعة الترفيه وفقاعة نماذج النجاح التي يصدرها الخليج باعتبارها نماذج الخلاص الفردية من الحالة الجماعية المزرية للأقطار العربية. هناك نموذج الفتيات الجميلات اللاتي يعملن في دبي ب ال”real state” ونماذج رجال الأعمال الناجحين الذين صنعوا ثرواتهم في الخليج الذي يصبح مع تكريس وتسويق هذه النماذج باب الخلاص لكل طامح على امتداد الجغرافيا العربية.

طبعا، الحقيقة معاكسة لما يروج له وكثير من الشباب الذين ذهبوا إلى الخليج خابت آمالهم. ليس الهدف في الأساس هو الترويج للحقيقة بل بيع الوهم، وهم الخلاص الفردي ووهم وجود جنة قريبة في الخليج بانتظار أصحاب المواهب والقدرات والطموح، والفقر طبعا هو من نصيب الفاشلين لخلل فيهم.

فكرة الخلاص الفردي هي عصارة النموذج الليبرالي الغربي، أما فكرة الخلاص الجماعي فهي مغيبة ومرذولة طبعا لأن الخلاص الجماعي يقع في صلب السياسة، والسياسة تعني إطلاق العنان إلى الأسئلة الحقيقية الحارقة وهو ما تسعى القوى العاملة ضمن استراتيجيات الولايات المتحدة الهادفة للسيطرة على المنطقة إلى طمسه وهي لهذه الغاية تستثمر عشرات مليارات الدولارات في صناعة الترفيه وتصدير صورة النماذج الفردية الناجحة.

بهذا المعنى أيضا يقع فعل “المقا:و.م.ة” في دائرة البحث عن “الخلاص الجماعي” ولهذا هو يحارب ويشوه ويهاجم ويتم تدفيع حامليه ومحتضنيه أثمانا كبيرة لردع الباقين عن التفكير به باعتباره خيارا مدمرا.

أحد أسباب التدمير والمجازر المبالغ بها في غزة هي الردع النفسي لمجمل سكان المنطقة العربية وعموم الجنوب العالمي وهو ما يفسر حالة الاستسلام شبه الشامل والكلي للناس التي تعيش في فقاعة الترفيه وتبحث عن أوهام الخلاص الفردي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *