اللحظة التاريخية لمعركةالوعي

اللحظة التاريخية لمعركةالوعي


بقلم صلاح بسيوني
10\3\2024
لا شك بأن الصراع العالمي الآن هو صراع الراسماليات الكبرى, هو صراع الراسمال الربوي (المصارف) مع الراسمال الصناعي (الانتاج) هو صراع الحضارات وصراع الانسانية من اجل البقاء ضد مشاريع الابادة البشرية رفضاً للحروب و نشرالاوبئة والتدمير المناخي و العبودية.
هو صراع السيطرة على الثروات والممرات و المواقع الجيوسياسية لبسط النفوذ, هو صراع يرى في الانسان عبد لرأس المال الوهمي, هو صراع الحضارة الغربية (حضارة الاستهلاك )مع الحضارات الاخرى.
هو صراع كل شيء مع كل شيء وبالتاكيد في نهايته سيولد شيء اخر.
اين نحن العرب من كل هذا ؟
بلاد العرب ارض الثروات و الممرات و الموقع الجيوسياسي الامثل في العالم ,عليها يشتد الصراع وبها يُستخدم الصراع . بلاد كما وصفتها وثيقة مؤتمر كامبل (1905لندن) ان خطورة الشعب العربي تأتي من عوامل عدّة يملكها: وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال وتزايد السكان. كما رأى المؤتمر ضرورة العمل على استمرار وضع المنطقة العربية متأخرا، وضرورة ايجاد التفكك والتجزئة والانقسام وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها. لذا أكدوا فصل الجزء الأفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، وضرورة إقامة (الدولة العازلة9 Buffer State، عدوّة لشعب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية). وهكذا قامت إسرائيل.
تعيش بلاد العرب لحظة الانحطاط التاريخي و الانحدار الكبير و الانهيار الكارثي. كل الازمات اجتمعت درامكتيكيا في امة كانت في يوم من الايام رائدة الحضارة الانسانية بكل فروعها العلمية و الثقافية والاجتماعية و الاقتصادية… امة قدمت للبشرية اسس علم الاجتماع لنشر المدنية وحماية الانسان من الهمجية والاستبداد…
امة تعرضت للغزو من شعوب وامبراطوريات وممالك متعددة لنهب ثرواتها واخضاعها لجبروت جيوشها ونفوذ حكامها .
ان ما يشبه اللحظة التاريخية اليوم لم تمر بها بلاد العرب, الكوارث اجتمعت دفعه واحدة, تجزئة ,احتلالات حروب اهلية , ازمات اقتصادية متلاحقة, كوارث طبيعية, تخلف, هجرات, موجات امراض و تهديد بالجوع والعطش, استتباع سياسي , تشكيك بالهوية الحضارية وتقليد حضاري, استبداد وانحطاط ثقافي و اخلاقي, فساد في كل الميادين, صراعات قطرية وطائفية , قهر وخوف وظلم في غياب العدل…
نتيجة هذا كله واكثر اجيال تولد او لم تولد بعد ستتحمل اعباء هذه اللحظة التاريخية. باختصار انها الفوضى القاتلة .
ما يجري في فلسطين اليوم تأكيدا واضحا لهذا الصراع الكبير, وعليه ان انتصرت فلسطين انتصرت معها الانسانية المحض و انهزم العقل الانساني الشرير, بعد غزة المنتصرة سينتهي مفهوم الابادة البشرية وينتهي معه التهجير القسري للسكان عن ارضهم وستعطي معركة غزة درسا للشعوب انه بالارادة الانسانية المحض يمكن مقاومة بارونات الرأسمالية والجنرالات الالهه و الحيوانات المفترسة صانعي استراتيجيات الحروب والابادة

لقد عرت قضية فلسطين دول و اشباه دول, فمن كان يشك في ان اسرائيل قاعدة استعمارية في هذا الشرق بات مقتنعا بعد دخول الغرب باساطيله و اسلحته و امواله و دبلوماسيته المعركة لحمايتها انها قاعدته. ومن كان يشك بان الانظمة العربية دول مستقلة ذات سيادة, اقتنع انها دول تابعه و مرتهنه لقوى الهيمنه العالمية وعاجزة عن حماية نفسها.
ثمة تحول ما في العقل العربي كشفت عنه الحرب في فلسطين . كشفت جمود في الحس العربي برود التعاطف القومي , انكفاء حركة العامة عن الشارع والاكتفاء بالندب والنويح عبر وسائل التواصل الاجتماعي, وأيضا الغياب اللافت لتأثير المثقفين القوميين الوحدويين اللذين طالما خاضوا معركة الوعي ضد الاستعمار والصهيونية و دعوا للتحرر والاستقلال القومي…
لماذا يُظهر الواقع ان الجسد العربي ميت في تفاعله, في حين حرب غزة احيت الجسد الانساني للشارع العالمي؟
كيف انتعشت الحركات المعادية للصهيونية في كثير من البلدان و نزلت الى الشارع ضد الحرب و الابادة وخمدت في بلادالعرب؟
هناك أسئلة عديدة عديدة يفترض ان تطرح الآن وليس غداً, ومهام ملحة لخدمة المعركة القائمة , ومشاركة جدية على كافة الصعد لكبح عملية التدمير الذاتي للحركة الشعبية صاحبة المصلحه الحقيقية في صناعة النصر للخروج من سطوة الاستعمار وادواته نحو الحرية والاستقلال.
كل هذا يستدعي اعادة البحث و النقاش المعمق وسط التيار القومي الوحدوي لمسألة التحول هذه و الخروج برؤية و برنامج يعيد الروح الثورية وترتيب الاولويات للشارع العربي . اسئلة تفتح نقاش لتحفيز العقل وتطوير الرؤية بالاجابه الموضوعية عليها.
بعد كل هذا نرى اننا صغارا نشتبك مع انفسنا ونتصارع على الفتات نقتل بعضنا نتخاصم بامر ونتصالح بامر نستحضر الماضي من دون عبر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *