يوم الارض.. والخيار الاوحد

يوم الارض.. والخيار الاوحد

بقلم صلاح بسيوني

ثمانية وثمانون عاما ونيف الجرح الفلسطيني ينزف ومخالب الغرب الاستعماري مزروعه في الجسد العربي تنهش و تقطع وتستأصل اي عمل لايقاف النزف..ثمانية وثمانون عاما ونيف ونحن نعيش ترجيديا صراع الحق مع الباطل, صراع مع الذئاب وشذاذ الآفاق.ثمانية وثمانون عاما ونيف مارس الشباب العربي وفي مقدمتهم شباب فلسطين كل اساليب التحدي و الكفاح ضد الاستعمار و الصهيونية جيلا بعد جيل منذ الثلاثينات من القرن الماضي . و كل جيل من هذه الاجيال قد احرز تقدما ما , وراكم للجيل الذي تلاه خبرة في الصراع المفتوح مع الصهاينة و الاستعمار لنيل الاستقلال و التحرر القومي واستعادة فلسطين .في كل مرحلة من الصراع عناوينها وشعاراتها ومصطلاحاتها ,وايضا رموزها وتشكيلاتها وتحالفاتها ,لكن يبقى الهدف واحد تحرير فلسطين و التحرر من الهيمنة الاستعمارية .اليوم ونحن في الربع الاخير من الالفية الثالثة يخوض الشباب الجديد معاركه ضد الاستعمار و الصهيونية على قاعدة ان الاحتلال لا يمكن اقتلاعه بالاقناع و الاستجداء وان عنف الاستعمار لا يمكن مواجهته بدون الكفاح المسلح .اذاً الثابت هو تحرير فلسطين و القضاء على الاستعمار.قد تختلف الاجيال على الاولويات و الاساليب لكن يبقى الهدف الاساس ازالت مخالب الغرب الاستعماري وفي مقدمتها ” اسرائيل” المزروعه في الجسد العربي لتقطيعه طولا و عرضاً.في كل مرحلة من الصراع يطرح الاستعمار مشاريع حل و مبادرات تسوية و وعود سياسية تودي في نهاية الامر الى فرض امر واقع يعزز الاحتلال ويغرز مخالبه اعمق في الجسد العربي, وفي المقابل تتطور اساليب المواجهه وتستمر التضحيات وتزداد القناعه بخيار واحد “المقاومة والاشتباك” ولا شيء غير المقاومة كخيار استرتيجي للامة التي تجمعها مصائب فرضها الاستعمار الغربي لتعزيز نفوذه الاقتصادي والجيوسياسي .لقد جاءت معركة ابادة غزة وبالدليل القاطع ان لا خلاص ولا خيار امام الامة الا المقاومة , فكل الخيارات والاتفاقات و المعاهدات و المؤتمرات التي طُرحت منذ كامب ديفيد و مدريد حتى اوسلو مرورا بوادي عربة سقطت امام الشعوب العربية وسقط معها كل الحالمين بالتطبيع و عقد القران مع الاحتلال و الاستعمار, ومن راهن على مشاريع السلام ويراهن على اي حل بدون تحرير فلسطين التاريخية فهو واهم , يعيش احلام اليقظة ما ان يستيقظ منها حتى يتفاجىء بالخراب العظيم .معركة ابادة غزة طبعت في عقول ووجدان الشباب العربي خيار المقاومة العربية الشاملة , وكشفت امامه المستور بشعارات الغرب الانسانية و السلم العالمي واكتشف ان الامة كلها محاصرة خارجيا من قوى الاستعمار وداخليا من انظمة طاغية مستسلمة لارادة الخارج بحجج واهية , واكتشفوا ان مجتمعاتهم مهزومة امام حكامها قبل ان تهزم امام العدو, و بدا واضحا امام بعض الشباب العربي اللذين خدعوا بعد ان راحوا يرقصون و يحلمون بتحويل اقطارهم الى جنات غربية, ان اعجابهم بسمفونية حقوق الانسان بادارة المايسترو الغربي ما هي الا سراب ونشاز لحداثة مزيفة مستوردة .من يلوم المقاومة الفلسطينية في هذه المعركة كمن يلوم القتيل ويبرأ القاتل .لم يُترك لشعب فلسطين اي خيار, شعب مشرد و مضطهد يمارس بحقه ابشع انواع التمييز و الفصل العنصري , شعب محروم من ابسط الحقوق الانسانية , شعب يعيش الخوف و المذلة يوميا , شعب يقتل رجاله و نساءه و اطفاله عشرات السنين لسبب واحد انهم يريدون الحرية وطرد المحتل من ارضهم للعيش بكرامة. فمن يلوم المقاومة كان الاجدى به محاسبة الذات ونقد الحاضر والماضي. والنقد هنا بمعنى التقييم لا التجريح , أما ردود فعل الشعوب العربية، فهي تقف مكبلة الأيدي تجاه ما يجري في ظل غياب الروح القومية باعتبار ان العمل القومي هو المحرك الطبيعي لحماية الاوطان و زيادة اللحمة بين الناس بعيدا عن الطائفية و العشائرية و القطرية .بعد كل هذا هناك شعور عام بان المرحله القادمة هي مرحلة جيل جديد سيكون له ادواته ومثقفيه واساليبه التي تواكب التقدم التكنولوجي لتوظيفها في معركة التحرر القومي, جيل جديد شاهد بعينه الهمجية الصهيونية والتواطىء الرسمي العربي و الرعاية الاميركية الغربية لحرب الابادة.جيل قادم حتما سيفعل ما عليه فعله وهذا منطق التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *