بين الثّمانينات والأربعون ربيعاً ويزيد
لو أنّنا استطعنا العبور من بوابة الزمن والعودة الى ثمانينيات القرن الماضي، كنّا سنعاني لنأخذ تصريحاً يمكنُّنا من الانتقال من بيروت الى الجنوب. وسيأخذ منّا يوماً كاملاً للتّفتيش على احدى حواجز جيش لحد المقبور. علينا التّخيّل فقط لو أنّ حواراً دار بيننا وبين أحدٍ من أهالي الشّريط المحتَّل. هل يا ترى كان سيصدِّق لو روينا له عن حاضرنا؟ عن تحرير ٢٠٠٠ و نصر تموز!
عن تحرير غزّة وسيف القدس و ٧ اوكتوبر؟!
عن تحرير سوريّا؟ عن تحرير العراق؟ عن معاركنا مع التّكفيريين والنّصر يتلو النّصر؟
عن اليمن، وأرمكوا، ودول الخليج التّي يحكمها المستضعفين الحُفاة؟
عن التّجارة العالميّة ومضيق باب المندب ووحدة السّاحات؟
عن المسيّرات التّي تقطع مئات الكيلومترات لتضرب هدفاً حيويّاً بإسم العراق؟
عن الجمهوريّة الاسلاميّة القويّة والمقتّدرة ندّ أمريكا وهادمة عرش الكفر العالميّ؟
عن الخوف الذّي كان يسكُننا وبتنا اليوم نراه بعيون أعدائنا عن حزامنا الأمنيّ بأراضينا المحتلّة شمالاً؟ عن ستّة أشهر من موسم صيد الجنود؟
يبدو الأمر عجيباً، هو أقرب الى قصّة ينتصر فيها الخير أخيراً.
ربّما الآن في غزّة أو الضّفّة، أو سوريّا أو العراق، أو أيّ بقعة فيها شعوبنا المستضعفة التّي تعاني من الاستبداد والظّلم. من يشكّك بالمستقبل، بالنّصر الحتميّ، بالخلاص الأخير ربّما لا يزال بين الجنوب اللّبناني وساحل اليمن عيونٌ خائفة ترى مجازر الاحتلال، ترى دمّ ثلاثين ألف شهيد يغطّي أرضَ غزّة، وتشعر أنّ الخلاص مستحيل. لكنّنا نملك قلوباً ترى بعيون الأربعون ربيعاً مسيرة حق ونّصر تراكميّ مجبول بالتّضحيات.
لو أنّنا أستطعنا العبور من بوابة الزّمن الى السّنوات القادمة، أرى نفسي أركبُ سكّة قطار من بيروت لفلسطين للأردن، فبلاد الحجاز وصولاً الى عدن. وطوال الطّريق أروي لولدي حكاية الأربعون ربيعاً أو ربما الخمسون، ولا مشكلة إن كانت ستّون. لكنّني أملك أملاً أنّني سأروي له الحكاية الكاملة من الثّورة الاسلاميّة عام ١٩٧٩، وتفجير مقر المارينز ببيروت عام ١٩٨٢، حتّى تحرير فلسطين ورفع يدِّ الهيمنة عن كلِّ عالمنا العربيّ بما فيها أرضنا المحتلّة بالحجاز.
فالخْلاصة واضحة أنّ ربنّا ربّْ المستضعفين، أقوى من جبروت ربِّهم نيوجرسي.
رسالة من احد العائدين من الجبهة

اترك تعليقاً