دراجتين هوائيتين هما ما استقلاه راشد ورنا في موعدهما الأول على انفراد. صنارة بحوزة كل منهما ليعلمها الصيد. السمك الذي ظفروا به كان صغير الحجم ومَدعاة رقة قلب كل منهما، الأمر الذي دفعهم إلى إعادتهم إلى مَرْبَى حياتهم في الماء. خاليَ الوفاض عادوا. وفي المصعد باغت راشد رنا بقبلة، وعندما بلغ المصعد مقصده استحصل على ثانيةً. قصة حب واعدة، أليس كذلك؟ حسابات حقل أبطالها لم تتطابق مع حسابات شارون!
رواية ورد في متن حواشيها أنها صادرة عام ٢٠٠٧ للكاتب “غسان شبارو”. وظيفة الرواية التي أتقن حبكتها “شبارو” استطاعت موائمة المؤدى الرئيسي لأي رواية، وهو المخيال الذي يُرْجَى أن يصبح واقعًا، ووقائع حصلت بالفعل يستوظفها لتكون شهادةً وشاهدةً على التاريخ. الأحداث التي تحاكي كلَّ ما لا يجعلك تبتعد عن الرواية، كي تعايشها وتتلمس فصولها وكأنك من عناصرها عن وجه حق. “بناية وهبة” التي يكتظ ملجؤها على وَقْع قصف قوات الاحتلال إبَّان الاجتياح الإسرائيلي. أكثر العناصر محوريةً هم “راشد” و”البروفيسور شومان”.
“شومان” البروفيسور في علوم الفيزياء الذي يدرس في الجامعة الأميركية، حائز على الجنسية الأميركية أيضًا. “أبو أرز” نسبةً إلى لبنانيته هو لقبه حينما كان ينشط في صفوف المقاومة الفلسطينية في الأردن. أما راشد فهو أحد تلامذة الفيزياء لدى البروفيسور، وينشط في الخدمة المجتمعية في إحدى الجمعيات. توقفت الدروس على وَقْع هدير طائرات بيغن ووزير دفاعه شارون، فأسهم في عقد صداقة بين التلميذ والبروفيسور. خفاياها تدور حول كمية الكتب والمراجع التي يساعده راشد على نقلها وإعادتها، حيث إن وزن الكتب الثقيل جعل راشد “هبةً من الله”.
غرفة مغلقة وأحاديث ثنائية بين راشد وشومان. معادلة إن استطاع نقلها من حيز النظرية إلى العملي، يكون قد أصاب ما عجزت عنه جيوشٌ. صاروخ سام ٧ الذي يتواجد مع المقاومة الفلسطينية، لا بد له أن يجد طريقة يناور البالونات الحرارية ليصل إلى جسم الطائرة. الطائرات التي تحصد الأرواح ولا تجد رادعًا. إنَّ ما تخلفه من دمارٍ وشهداءٍ دفع الروفيسور كي يتعالى عن انكفائه عن العمل الفصائلي، ويشرع في محاولة تطوير الصاروخ.
حضور راشد المتكرر جعله يلتقي رنا، التي ستعتبر أن هدية ميلادها من ذويها هو اسم راشد. سلسلة ذهبية ذات حرف “ر”. هدية راشد كانت كَنارًا، حيث اعتبر من غير اللائق إحضار الذهب. اعتراف كلٍّ منهما كان قبل أن تطفئ شموع عيدها. أسارير شومان تنفرج: تمكن من فك طلاسم هذه المعادلة، وما عليه إلا أن يحضر الصاروخ ليخضعه للتجارب. التواصل على إثرها كان مع صديق قديم عملا سويًّا في الأردن.
الحاح والدة راشد على اللقاء به، كان فرصةً ذهبيةً للـ”بروفيسور”. التجارب أثبتت أنه تغلب على العقبات واستطاع تذليلها. طريقة ملتوية للالتفاف على صَلَف الحواجز، التي لم تخلُ فصولها من تسديد الصدفة أو الآلهة. الطريق إلى والدته كان يخفي صاروخًا يعمل على تهريبه إلى البقاع. بلغ ما يرنو إليه، وانتظر ساعة السفر. الحديث في اليوم التالي كان عن الطائرة التي تمكنت المقاومة من إسقاطها.
البروتوكول القاتل هو خلاصة غير مدوَّنة في سطور ما يرويه شبارو. القائد في المقاومة كان لا بد من القيام بواجب الشكر ودعوته في اليوم التالي للتهنئة. مكالمة تقع فريسة “فوكس” الذي يواكب خطوط هواتف المقاومة لعلَّه يتمكن من اصطياد عرفات. نفسه التي يمنِّيها بالمكافأة التي سيحصل عليها جراء ذلك. مهمة غير عادية: سرب طائرات يُحدَّد وجهته، يصل بيروت ويقضي على تهديد شومان لتفوقه الجوي. مسرعًا ينضم الذي أنجاه جاره، الذي منعه من الخروج في ظل تكدس الطائرات التي لا يعلم أين تنفث سمومها.
الأنقاض التي رُفعت حاملةً أجساد عائلةٍ اقتُلعت قبل هُنَيْهة، كان لأحداهن أن تزين حياة راشد. صوتٌ ما يظهر بعد توقف فرق الإنقاذ. إنه الكناري على قيد الحياة، شاهدًا على غرام بدَّده شارون. كأنه يقول ما يرد على لسان باسل الأعرج: “لا تحلموا بعالم سعيد ما دامت إسرائيل موجودة”.
Leave a Reply